تعمل الغازات الدفيئة على تسخين الأرض عن طريق امتصاص الطاقة وإبطاء معدل تسرب الطاقة أو الحرارة إلى الفضاء فتشكل ما يشبه الغطاء العازل للأرض. يمكن أن يكون للغازات الدفيئة المختلفة تأثيرات مختلفة على ارتفاع درجة حرارة الأرض. وهناك طريقتان رئيسيتان تختلف بهما هذه الغازات عن بعضها البعض، وهما قدرتها على امتصاص الطاقة (“كفاءتها الإشعاعية – Radiative Efficiency”)، ومدة بقائها في الغلاف الجوي (المعروفة أيضًا باسم “مدة حياتها – Lifetime”).
تم تطوير مقياس إمكانيات الاحترار العالمي (Global Warming Potential) للتمكن من إجراء مقارنات بين تأثيرات الاحترار العالمي للغازات المختلفة. وعلى وجه التحديد، فهو مقياس لكمية الطاقة التي ستمتصها انبعاثات طن واحد من الغاز خلال فترة زمنية معينة، مقارنة بانبعاثات طن واحد من ثاني أكسيد الكربون (CO2). كلما زادت إمكانية أحد الغازات على إحداث الاحترار العالمي، زادت قدرة تسخينه للأرض مقارنة بثاني أكسيد الكربون خلال تلك الفترة الزمنية. والفترة الزمنية المستخدمة للقياس عادةً في إحداث الاحترار العالمي هي 100 عام. ولذا يوفر مقياس إمكانات الاحترار العالمي وحدة قياس مشتركة، تمكن المحللين من تقدير انبعاثات الغازات المختلفة وتسمح لصانعي السياسات بمقارنة فرص خفض الانبعاثات عبر القطاعات والغازات.
ومن حيث المبدأ فإن لغاز ثاني أكسيد الكربون قدرة على إحداث الاحترار العالمي تبلغ 1 بغض النظر عن الفترة الزمنية المستخدمة، لأنه الغاز المستخدم كمرجع. حيث يبقى ثاني أكسيد الكربون في النظام المناخي لفترة طويلة جدًا وتتسبب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في زيادة تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي والتي تبقى فيه لآلاف السنين.
وتشير التقديرات إلى أن الميثان (CH4) له قدرة على إحداث الاحترار العالمي تتراوح بين 27 و30 على مدى 100 عام. ويبقى غاز الميثان المنبعث لمدة عشر سنوات في المتوسط في الغلاف الجوي، وهو وقت أقل بكثير من ثاني أكسيد الكربون. لكن غاز الميثان CH4 يمتص أيضًا طاقة أكبر بكثير من ثاني أكسيد الكربون. وينعكس التأثير الصافي للعمر الأقصر وامتصاص الطاقة العالي في القدرة على إحداث الاحترار العالمي. كما أن قدرة الميثان على إحداث الاحترار العالمي مسؤولة أيضًا عن بعض التأثيرات غير المباشرة مثل حقيقة أن الميثان هو مقدمة للأوزون، والأوزون هو في حد ذاته أحد غازات الدفيئة (عندما يتم إطلاق غاز الميثان في الغلاف الجوي، فإنه يخضع لتفاعلات كيميائية، خاصة في وجود ضوء الشمس والملوثات الأخرى. وبالتالي فإن أحد نواتج هذه التفاعلات هو الأوزون. ولذلك فإن الميثان يساهم بشكل غير مباشر في وجود الأوزون في الغلاف الجوي).
يتمتع أكسيد النيتروز (N2O) بقدرة على إحداث الاحترار العالمي تبلغ 273 ضعف قدرة ثاني أكسيد الكربون على مدى 100 عام. ويظل أكسيد النيتروز المنبعث اليوم في الغلاف الجوي لأكثر من 100 عام في المتوسط.
تُسمى أحيانًا مركبات الكلوروفلوروكربون (CFCs)، ومركبات الهيدروفلوروكربون (HFCs)، ومركبات الهيدروكلوروفلوروكربون (HCFCs)، والمركبات المشبعة بالفلور (PFCs)، وسداسي فلوريد الكبريت (SF6) بالغازات ذات القدرة العالية على إحداث الاحترار العالمي، لأنها تحبس حرارة أكبر بكثير من ثاني أكسيد الكربون بالنسبة لكمية معينة من الكتلة. (يمكن أن تكون إمكانيات الاحترار العالمي لهذه الغازات بالآلاف أو عشرات الآلاف).