ما هي الغازات الدفيئة؟
الغازات الدفيئة هي غازات موجودة في الغلاف الجوي للأرض وتلعب دورًا حيويًا في تنظيم درجة حرارة كوكب الأرض، حيث تعمل هذه الغازات على احتجاز الحرارة المنبعثة من سطح الأرض، مما يجعلها تعمل كغطاء يحمي الأرض من تسرب الكثير من الحرارة إلى الفضاء الخارجي وبدون الغازات الدفيئة، ستكون درجة حرارة الأرض أقل بكثير مما هي عليه الآن، مما يجعل الحياة على سطحها صعبة جدًا.
تمتص الغازات الدفيئة وتطلق الإشعاع في نطاق الأشعة تحت الحمراء، والذي نشعر به على شكل حرارة. وينبعث الإشعاع قصير الموجة من الشمس ويمر في الغالب عبر الغلاف الجوي للأرض حيث يمتص سطح الأرض معظم هذه الإشعاعات ويعيد إصدارها على شكل أشعة تحت الحمراء بطول موجي أطول. هنا تمتص جزيئات الغازات الدفيئة بعضًا من الأشعة تحت الحمراء، بدلاً من السماح لها بالمرور مباشرة إلى الفضاء وتقوم الجزيئات بعد ذلك بإعادة إصدار الأشعة تحت الحمراء في جميع الاتجاهات، بما في ذلك العودة إلى سطح الأرض فيؤدي هذا إلى ارتفاع حرارة الكوكب وهو ما يعرف باسم “تأثير الاحتباس الحراري”.
وبدون الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، ستكون الأرض أكثر برودة بنحو 30 درجة، حيث يمكن أن تتسرب جميع الأشعة تحت الحمراء القادمة من السطح إلى الفضاء وبالتالي فالغازات الدفيئة أحد الأسباب التي تجعل الحياة على سطح الأرض ممكنة.
توجد الغازات الدفيئة أيضًا في الأجرام السماوية الأخرى، بما في ذلك كوكب الزهرة والمريخ وتيتان، أحد أقمار زحل. وفي الواقع، تساهم الغازات الدفيئة في ارتفاع درجة حرارة سطح كوكب الزهرة إلى أكثر من 400 درجة مئوية.
انبعاثات غازات الاحتباس الحراري
إن انبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة عن الأنشطة البشرية تعزز ظاهرة الاحتباس الحراري. وهذا يزيد من متوسط درجة حرارة الأرض ويساهم في تغير المناخ حيث تشكل انبعاثات الغازات الدفيئة الناجمة عن الأنشطة البشرية المصدر الأكبر من حرق الوقود الأحفوري للطاقة والنقل. كما يؤدي التغير في الزراعة واستخدام الأراضي إلى انبعاث كميات كبيرة من الغازات الدفيئة، وكذلك إنتاج الأسمنت.
بدأت انبعاثات الغازات الدفيئة الناجمة عن الأنشطة البشرية في الزيادة خلال الثورة الصناعية وزادت أكثر بكثير منذ منتصف القرن العشرين، وبرغم اتخاذ بعض البلدان إجراءات لتسوية أو خفض انبعاثات الغازات الدفيئة إلا أن الانبعاثات العالمية من غازات الدفيئة مستمرة في الارتفاع.
يمكن أيضًا أن تحدث بعض غازات الدفيئة بشكل طبيعي، ولكن يتم موازنة انبعاثاتها من خلال امتصاصها الطبيعي.
أمثلة على الغازات الدفيئة
- ثاني أكسيد الكربون (CO2) – أحد الغازات الدفيئة الأساسية المنبعثة من النشاط البشري، ومعظمه من حرق الوقود الأحفوري وقد ارتفع تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بنسبة تزيد عن 50% منذ بداية الثورة الصناعية.
- الميثان (CH4) – أكبر المصادر البشرية لانبعاثات غاز الميثان هي تغيير طبيعة الأراضي والنشاطات الزراعية، ولا يبقى الميثان في الغلاف الجوي بنفس مدة بقاء ثاني أكسيد الكربون، ولكنه أعلى تأثيراً على مقياس “إمكانيات الاحترار العالمي (GWP)” بحوالي 30 مرة من ثاني أكسيد الكربون خلال أكثر من 100 سنة.
- أكسيد النيتروز (N2O) – جزء رئيسي آخر من الانبعاثات الناتجة عن الزراعة، وله القدرة على إحداث الاحترار العالمي أكبر بـ 270 مرة من ثاني أكسيد الكربون على مقياس “إمكانيات الاحترار العالمي (GWP)” . كما أنه يضر بطبقة الأوزون.
- الأوزون (O3) – عندما ينبعث غاز الأوزون على ارتفاعات منخفضة، يعتبر ملوثًا ضارًا للهواء، إلا أن طبقة الأوزون في طبقة الستراتوسفير تحمينا من أشعة الشمس فوق البنفسجية الضارة. والأوزون هو أيضاً أحد الغازات الدفيئة ولكن يختلف تأثيره على درجات الحرارة السطحية حول العالم حيث يصل إلى حوالي 25% من تأثير ثاني أكسيد الكربون في المتوسط.
- مركبات الكلوروفلوروكربون (مركبات الكربون الكلورية فلورية) و مركبات الهيدروفلوروكربون (HFCs) – تُستخدم هذه المركبات الصناعية في الثلاجات وأنظمة تكييف الهواء وبخاخات الأيروسول ومواد التنظيف، من بين استخدامات أخرى. ولكن حلت مركبات الكربون الهيدروفلورية محل مركبات الكربون الكلورية فلورية، حيث أن مركبات الكربون الكلورية فلورية تلحق ضرراً بالغاً بطبقة الأوزون ويتم التخلص منها تدريجياً بموجب بروتوكول مونتريال. ومع ذلك، كلاهما من الغازات الدفيئة القوية، حيث تتراوح قيم القدرة على إحداث الاحترار العالمي من عدة مئات إلى عدة آلاف من المرات أكبر من ثاني أكسيد الكربون. وعلى الرغم من ذلك، فإن تركيزها المنخفض نسبيًا في الغلاف الجوي يعني أن مساهمتها الإجمالية في ظاهرة الاحتباس الحراري منخفضة جدًا مقارنة بثاني أكسيد الكربون.
- مركبات مفلورة أخرى – بالإضافة إلى مركبات الكربون الكلورية فلورية ومركبات الكربون الهيدروفلورية، تحتوي العديد من غازات الدفيئة القوية الأخرى على الفلور. ومن الأمثلة على ذلك ثلاثي فلوريد النيتروجين (NF3) ورباعي فلورو ميثان (CF4). مثال آخر، سداسي فلوريد الكبريت (SF6) هو أقوى الغازات الدفيئة المعروفة، حيث تبلغ قدرته على إحداث الاحترار العالمي 23500 مرة أكبر من ثاني أكسيد الكربون.
أكبر ١٠ دول ملوثة في العالم
تجد أدناه البلدان العشرة الأكثر تلويثًا وإنتاجاً للغازات الدفيئة في العالم، حيث تتصدر الصين الانبعاثات الناجمة في المقام الأول عن استخدامها المكثف للفحم. كما أن دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي تساهم بشكل كبير في التلوث، ويُعزى ذلك إلى فترات الثورة الصناعية والاعتماد الكبير على الوقود الأحفوري. ويتم قياس الانبعاثات بأطنان مكافئات ثاني أكسيد الكربون على مدى 100 عام.
هل بخار الماء من الغازات الدفيئة؟
نعم، بخار الماء هو أحد الغازات الدفيئة القوية وهو المسؤول عن معظم ظاهرة الاحتباس الحراري بشكل عام. ومع ذلك، فإن كمية بخار الماء في الغلاف الجوي تتغير بطريقة مختلفة تمامًا عن غازات الدفيئة الأخرى المذكورة أعلاه. إذ يصل بخار الماء بسرعة إلى حالة التوازن في الغلاف الجوي تبعاً لدرجة الحرارة، فيرتفع مستواه في الغلاف الجوي إما بالتبخر من سطح المحيطات والبحار، أو بالتساقط بالترسيب على شكل أمطار. وهذا يعني أن بخار الماء يستجيب للتغيرات في درجات الحرارة العالمية بسرعة وبدرجة أكبر بكثير من الغازات الدفيئة الأخرى التي لها مصادر طبيعية، والتي تبقى في الغلاف الجوي لفترات أطول بكثير من بخار الماء.
يمكن للجو الدافئ أن يحمل المزيد من بخار الماء وبخار الماء قادر على زيادة الاحترار الناتج عن بعض العمليات الأخرى. ومع ذلك، إذا انخفضت درجات الحرارة بعد ذلك، فإن كمية بخار الماء في الغلاف الجوي ستنخفض أيضًا. ويعني تأثير ردود الفعل هذا أن بخار الماء ليس محركًا للاحتباس الحراري الذي نشهده اليوم، على الرغم من قوته كغاز من الغازات الدفيئة.