ما هو التغير المناخي؟
التغير المناخي هو أحد أكبر التحديات التي تواجه البشرية في القرن الواحد والعشرين، حيث يُعرَّف التغير المناخي على أنه التغيرات طويلة الأمد في درجات الحرارة وأنماط الطقس على مدى فترات زمنية طويلة. وتعد هذه الظاهرة نتيجة لتفاعلات معقدة بين الأنشطة البشرية والعوامل الطبيعية. ويٌُعدّ فهم التغير المناخي أمراً أساسياً لتمكين البشر من التكيف معه والحد من تأثيراته الضارة.
مفهوم تغير المناخ
التغير المناخي هو مصطلح يشمل جميع التغيرات التي تحدث في مناخ الأرض على مدى فترة زمنية طويلة ومن المهم التمييز بين التغير المناخي والاحتباس الحراري. فالاحتباس الحراري هو زيادة تدريجية في متوسط درجة حرارة الأرض نتيجة لزيادة تركيزات الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، بينما يتضمن التغير المناخي أيضاً تغيرات في أنماط الرياح والأمطار وحدوث الظواهر المناخية العنيفة.
العوامل المؤثرة في المناخ
لقد تغير المناخ على كوكب الأرض منذ تشكلها قبل 4.5 مليار سنة. وحتى وقت قريب كانت العوامل الطبيعية هي السبب وراء هذه التغيرات. حيث تشمل التأثيرات الطبيعية على المناخ الانفجارات البركانية، والتغيرات في مدار الأرض، والتحولات في قشرة الأرض (المعروفة باسم الصفائح التكتونية).
فعلى سبيل المثال شهدت الأرض خلال المليون سنة الماضية سلسلة من العصور الجليدية، بما في ذلك فترات باردة أو متجمدة (العصور الجليدية Glacials) وفترات دافئة (العصور بين الجليدية Interglacials). ويحصل هذا التقلَب بين العصور الجليدية وما بين الجليدية في دورات كل 100000 عام تقريباً بسبب التغيرات في مدار الأرض حول الشمس. وعلى مدى آلاف السنين القليلة الماضية، كانت الأرض في فترة ما بين العصور الجليدية وكانت تتمتع بدرجات حرارة ثابتة نسبياً.
ولكن الذي حصل أنه منذ قيام الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر، زادت درجات الحرارة عالمياً بمعدل أسرع بكثير من الطبيعي وذلك بسبب حرق الوقود الأحفوري وتغير كيفية استخدام البشر للأرض، وسرعان ما أصبح النشاط البشري السبب الرئيس للتغيّرات المناخية. ومن هنا يمكن تقسيم العوامل المؤثرة في تغيّر المناخ إلى:
- عوامل بشرية:
- حرق الوقود الأحفوري (النفط، الفحم، الغاز الطبيعي) لإنتاج الطاقة، والذي ينتج عنه انبعاثات الغازات الدفيئة مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان.
- إزالة الغابات والزراعة الصناعية التي تزيد من انبعاثات الكربون وتقلل من قدرة الأرض على امتصاصه.
- عوامل طبيعية:
- النشاط البركاني الذي يطلق كميات كبيرة من الغازات والجزيئات التي يمكن أن تؤثر على المناخ.
- التغيرات في النشاط الشمسي والتي تؤثر على كمية الطاقة الشمسية التي تصل إلى الأرض.
أسباب التغير المناخي
تعود أسباب التغير المناخي إلى كل من العوامل البشرية والطبيعية، ولكن تُعتبر الأنشطة البشرية المحرك الأساسي للتغيرات المناخية الحالية.
النشاطات البشرية:
- حرق الوقود الأحفوري: يُعدّ استخدام الوقود الأحفوري في الصناعة والنقل وإنتاج الكهرباء المصدر الرئيس لانبعاثات الغازات الدفيئة، حيث تشير التقارير إلى أن احتراق الوقود الأحفوري يسهم بنسبة كبيرة في زيادة مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.
- إزالة الغابات: يؤدي القطع الجائر للأشجار إلى فقدان الغابات التي تلعب دورًا مهمًا في امتصاص ثاني أكسيد الكربون فإزالة الغابات تعني بالضرورة زيادة تركيزات الكربون في الغلاف الجوي.
العوامل الطبيعية:
- البراكين: تطلق الانفجارات البركانية كميات هائلة من الغازات والجسيمات في الغلاف الجوي، والتي يمكن أن تؤثر على المناخ على المدى القصير عن طريق تبريد سطح الأرض.
- التغيرات الشمسية: تؤثر التغيرات في النشاط الشمسي على كمية الطاقة التي تصل إلى الأرض، وعلى الرغم من أن هذه التغيرات تكون صغيرة نسبياً، إلا أنها يمكن أن تؤثر على المناخ على فترات زمنية طويلة.
تاريخ التغير المناخي
شهد كوكب الأرض على مر العصور الجيولوجية العديد من التغيرات المناخية الطبيعية. وكما مر آنفاً، يمكن تقسيم هذه التغيرات إلى فترات باردة مثل العصور الجليدية (Glacials) وفترات دافئة (Interglacials). على سبيل المثال، كانت الأرض في فترة العصر الوسيط (حوالي 252 إلى 66 مليون سنة مضت) أكثر دفئاً مما هي عليه اليوم، بينما شهدت العصور الجليدية (حوالي 2.6 مليون إلى 11,700 سنة مضت) درجات حرارة أقل بكثير.
التغيرات الحالية مقارنة بالتاريخية: أظهرت الدراسات في السنوات الأخيرة أن التغيرات المناخية الحالية تحدث بسرعة أكبر بكثير من التغيرات الطبيعية السابقة. حيث تُعزى هذه السرعة غير المسبوقة إلى الأنشطة البشرية، مما يجعل التغير المناخي الحالي تحدياً فريدًا يحتاج إلى تدخلات فعالة وسريعة.