سلط مؤتمر المناخ الذي عقدته الأمم المتحدة في اسكتلندا في نوفمبر من العام 2021 الضوء على سياسات تغيّر المناخ وتأثير الاحتباس الحراري، ومن المفيد فهم آخر البيانات في هذا الصدد وفيما يلي خمس إجابات على أسئلة مهمة تمكنك من فهم مشكلة التغير المناخي:
ما سبب تغير المناخ؟
يُعدُّ ثاني أكسيد الكربون أحد أبرز أسباب التغير المناخي، وهو أحد الغازات الدفيئة الذي يتم إطلاقه عند حرق الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز الطبيعي، وكذلك بسبب حرائق الغابات وتغييرات استخدام الأراضي والمصادر الطبيعية.
بدأت الثورة الصناعية في أواخر القرن التاسع عشر بزيادة هائلة في حرق الوقود الأحفوري. حيث ساهم هذا الوقود في دعم إنارة المنازل وإنشاء الصناعات وإفساح المجال للسفر عبر القارات. ولكن في نفس الوقت، ساهم هذا الوقود بنسبة كبيرة في ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض، فبدأت الدراسات المنهجية في منتصف القرن العشرين وأظهرت زيادة مضطردة في نسبة ثاني أكسيد الكربون، معظمها بسبب احتراق الوقود الأحفوري.
كم يبقى ثاني أكسيد الكربون في الجو؟
تكمن إحدى المشكلات في ثاني أكسيد الكربون أنه بمجرد دخوله إلى الغلاف الجوي، يبقى فيه لفترات طويلة جدًا فيه. وبرغم أن النباتات تمتص جزءً من ثاني أكسيد الكربون المنبعث، وتمتص المحيطات جزءً آخر منه، إلا أن نصف الانبعاثات الكربونية الناجمة عن الأنشطة البشرية تبقى في الغلاف الجوي ولوقت طويل وهو ما يؤثر على المناخ على مستوى العالم.
عندما انتشر وباء كورونا في عام 2020، كان عدد أقل من الناس يقودون السيارات وتوقفت بعض الصناعات لفترة وجيزة، فأدى ذلك لانخفاض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الوقود الأحفوري بنحو 6 في المائة. لكن ذلك لم يوقف ارتفاع تركيز ثاني أكسيد الكربون لأن الكمية التي أطلقتها الأنشطة البشرية في الغلاف الجوي قد تجاوزت ما يمكن أن تمتصه النباتات.
وعلى فرض أوقفت البشرية أنشطتها المسببة لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون اليوم، فسيستغرق الأمر عدة مئات من السنين حتى ينخفض تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بما يكفي لإعادة دورة الكربون على كوكب الأرض إلى المستوى الطبيعي، وذلك بسبب العمر الطويل لثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.
كيف نعرف أن غازات الاحتباس الحراري يمكن أن تغير المناخ؟
تشير العديد من الأدلة العلمية إلى أن الزيادة في انبعاثات الغازات الدفيئة خلال القرن ونصف القرن الماضيين كمحرك رئيس لتغير المناخ على المدى الطويل في جميع أنحاء العالم. ومن هذه الأدلة:
- لقد أثبتت الأبحاث والقياسات المخبرية منذ القرن التاسع عشر بشكل متكرر الخصائص الامتصاصية لثاني أكسيد الكربون والتي تسمح له بحبس الحرارة في الغلاف الجوي.
- أظهرت دراسات طويلة الأمد أجريت على أعماق الجليد في القطب المتجمد الجنوبي و حلقات جذوع الأشجار والشُعب المرجانية أنه عندما كانت مستويات ثاني أكسيد الكربون مرتفعة عبر العصور السابقة، كذلك كانت درجات الحرارة مرتفعة.
- تقدم الكواكب الأخرى في النظام الشمسي أدلةً بارزة أيضاً، فالغلاف الجوي لكوكب الزهرة تتركز فيه نسب عالية من ثاني أكسيد الكربون، وهو أكثر الكواكب سخونة في النظام الشمسي نتيجة لذلك بالرغم من أن كوكب عطارد أقرب إلى الشمس.
كل مناطق العالم تشهد ارتفاعاً ملحوظاً
إن ارتفاع درجات الحرارة واضح في جميع القارات وفوق المحيطات والبحار، ولكنها لا ترتفع بنفس المعدل في كل مكان، حيث تؤثر عدة عوامل على درجات الحرارة المحلية كطرق استخدام الأرض الذي يؤثر على مقدار الطاقة الشمسية الممتصة أو المنعكسة، ومصادر الاحترار المحلية الناجمة عن “الجُزر الحرارية الحضرية” والنفايات والتلوث.
ومن الجدير بالذكر أن ارتفاع درجات الحرارة في القطب الشمالي أسرع بثلاث أضعاف من المتوسط العالمي ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنه مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب، يؤدي ذوبان الجليد والثلج إلى زيادة احتمالية امتصاص السطح لإشعاع الشمس بدلاً من انعكاسه ونتيجة لذلك ينحسر الغطاء الجليدي والجليد البحري بسرعة أكبر.
كم ارتفعت درجات الحرارة حول العالم منذ القرن الماضي؟
كيف يؤثر تغير المناخ على كوكب الأرض؟
إن نظام مناخ الأرض مترابط ومعقد لدرجة أن أصغر التغيرات في درجات الحرارة يمكن أن يكون لها تأثيرات كبيرة. حيث تُظهر الدراسات أن ارتفاع درجات الحرارة يؤثر فعلاً على هطول الأمطار والأنهار الجليدية وأنماط الطقس ونشاط الأعاصير المدارية والعواصف الشديدة. ويؤثّر أيضاً ارتفاع درجات الحرارة على زيادة تردد وشدة ومدة موجات الحرارة. كل ذلك ينعكس بشكل أو بآخر على النظم البيئية وحياة الإنسان والتجارة والزراعة.
كما أظهرت السجلات التاريخية لمستويات مياه المحيطات في الغالب زيادات ثابتة على مدار الـ 150 عامًا الماضية حيث تذوب الأنهار والكتل الجليدية في القطبين بسبب ارتفاع درجات الحرارة. وقد سبب ارتفاع منسوب مياه البحار والمحيطات إلى العديد من الانجرافات الأرضية أو غرق أجزاء من الأرض واختفاء بعض الجزر.
ارتفاع منسوب المياه عند المدن الساحلية حول العالم
وفي حين أن المناخ العنيف غالباً ما يكون بسبب العديد من الأسباب المعقدة، فإن بعض هذه الأسباب نفسها يتفاقم بسبب تغير المناخ مما يؤدي إلى الدخول في حلقة متواصلة وسلسلة من الأحداث المناخية التي يسبب بعضها بعضاً.
كيف يبدو مستقبل التغير المناخي؟
تجري أبحاث المناخ حالياً لتقدير التغيرات المستقبلية بسبب زيادة ثاني أكسيد الكربون والتغيرات الأخرى المتوقعة، مثل تعداد سكان العالم. ومن الواضح أن درجات الحرارة سترتفع وسيتغير نمط هطول الأمطار، ولكن يعتمد التقييم الدقيق لهذه التغييرات على العديد من العوامل المرتبطة ببعضها.
وتهدف الكثير من أنشطة البحث العلمي إلى توفير فهم أعمق للمناخ ونظام الأرض المعقد، وتحديد المناطق الأكثر ضعفاً وتوجيه الجهود للحد من دوافع تغير المناخ. كما يجري العمل على تطوير تقنيات ناجعة للطاقة البديلة والطاقة المتجددة وطرق التقاط الكربون من المصانع أو من الجو.
ومع ازدياد وعي البشر حول التغير المناخي وتعلمهم كيفية الحد من تأثير نشاطاتهم على البيئة، يزداد استعدادهم لاستخدام الطاقة بشكل أكثر كفاءة واستهلاك الموارد بشكل أكثر استدامة.
ارتفاع درجة حرارة الأرض ما بين العام 1880 إلى 2022
تمت ترجمة المقال بتصرف عن:
The science everyone needs to know about climate change, in 6 charts